رئيس الوزراء يعقد أول اجتماع للمجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار

رئيس الوزراء يعقد أول اجتماع للمجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار

ترأس اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الاجتماع الأول للمجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار، بحضور نخبة من الوزراء وكبار المسؤولين، منهم الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، والفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والفريق أول عبد المجيد صقر وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بالإضافة إلى محمود توفيق وزير الداخلية، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وأحمد كجوك وزير المالية، ومحمد جبران وزير العمل، والدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، ومحمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، إلى جانب أعضاء المجلس من الخبراء والمتخصصين.

افتتح الدكتور مصطفى مدبولي الاجتماع بالتأكيد على أهمية المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار في ظل توجه الدولة لتطوير منظومة التعليم بكافة مراحلها، سواء قبل الجامعي أو الجامعي، خاصة مع المتغيرات المتسارعة في مختلف مجالات الحياة، مشيرًا إلى الاهتمام العالمي المتزايد بملف الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتعددة وربطه بمسارات التعليم المختلفة، مع العمل الجاد للاستفادة من هذا التطور التكنولوجي الجديد.

وأوضح رئيس الوزراء أن الهدف من هذا الاجتماع الأول هو استعراض الوضع الحالي لمنظومة التعليم والبحث والابتكار من خلال عرض الوزراء والمسؤولين المختصين، والتعرف على التحديات القائمة، إلى جانب متابعة ما تم إنجازه في مختلف الملفات، فيما ستتولى الاجتماعات القادمة تنفيذ المهام والمستهدفات الموكلة للمجلس.

عرض الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أبرز ملامح الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي 2030 التي تم صياغتها بتوافق خبراء وممثلي المجتمع العلمي والجامعي وأجهزة الدولة، مع استعراض ما تحقق في محاور الاستراتيجية السبعة التي تشمل التكامل، والتخصصات المتداخلة، والاتصال، والمشاركة الفاعلة، والاستدامة، والمرجعية الدولية، والابتكار وريادة الأعمال.

في محور التكامل، قدم الوزير جهود تحقيق التكامل بين الأنشطة الاقتصادية والتنموية في الأقاليم ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، بهدف ربط البحث العلمي والابتكار بالصناعة لتحقيق خطط التنمية الشاملة والمستدامة، مع التركيز على مبادرة “تحالف وتنمية” الرئاسية التي تبني تحالفات إقليمية تشمل أجهزة الدولة والشركاء الصناعيين، إلى جانب إعداد نظام تمويل للمبادرة عبر صندوق رعاية النوابغ والمبتكرين وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وهيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وشراكات مع مؤسسات دولية داعمة.

كما استعرض الوزير إجراءات تنفيذية في ربط البحث العلمي بالصناعة، منها مبادرة “رالي السيارات الكهربائية” بمدينة العلمين الجديدة، وتصنيع السيارات الكهربائية منخفضة السرعة المناسبة للمدن الذكية والمجتمعات العمرانية الجديدة، بالإضافة إلى تصنيع أول جهاز تنفس صناعي محلي معتمد من الاتحاد الأوروبي ومرخص من هيئة الدواء المصرية، ومشروع EV-Tech لنقل التكنولوجيا للمركبات منخفضة السرعة بالتعاون بين أكاديمية البحث العلمي والقطاع الخاص، ومشروع المزرعة البحثية النموذجية لتطبيقات التكنولوجيا الزراعية والإرشاد الزراعي في منطقة المغرة بمحافظة مطروح بالتعاون مع شركة الريف المصري الجديد.

في محور التخصصات المتداخلة، أشار الوزير إلى إنشاء برامج تخصصات بينية تغطي المجالات والوظائف المستقبلية التي تتطلب تخصصات متداخلة، بهدف إعداد خريجين قادرين على مواجهة تحديات العصر بإبداع، مع تأهيل أعضاء هيئة التدريس لمواكبة هذا التوجه.

أما في محور الاتصال، وخاصة الاتصال الدولي وتدويل التعليم، فقد ذكر وجود 337 برنامجًا بينيًا مبنيًا على شراكات أجنبية مع 37 جامعة حكومية، و20 جامعة أهلية، و9 أفرع لجامعات دولية، مع تنفيذ مبادرة “مصر للمنح الدراسية والسياحة التعليمية” وخطط الترويج لها، إلى جانب ربط التعليم بمهارات سوق العمل وبناء خريج مؤهل يدعم التخصصات العلمية والمهارات المهنية والابتكار وريادة الأعمال، حيث تلعب مراكز التوظيف دورًا محوريًا في الربط بين المجتمع الأكاديمي وسوق العمل محليًا ودوليًا، مما أسفر عن توظيف آلاف الخريجين من 30 جامعة في 7 أقاليم مصرية بعد 40 دفعة تدريبية شارك فيها نحو 18 ألف طالب وخريج.

في محور المشاركة الفاعلة، أكد الوزير على دور التعليم العالي والبحث العلمي في دعم الاقتصاد والمجتمع، مشيرًا إلى مساهمة المستشفيات الجامعية التي يبلغ عددها نحو 125 مستشفى يشرف عليها أكثر من 31 ألف عضو هيئة تدريس، وتقدم خدمات طبية متنوعة بكفاءة عالية تشمل العمليات الجراحية والغسيل الكلوي والرعاية والحضانات، مع تنفيذ 160 مشروعًا لتطوير المستشفيات الجامعية، فضلًا عن دورها في المبادرات الرئاسية الصحية مثل القضاء على قوائم الانتظار والكشف المبكر وعلاج سرطان الثدي والأورام، وتنفيذ أكثر من 1025 قافلة طبية ضمن مبادرة “حياة كريمة” لخدمة 461 ألف مستفيد.

كما أشار الوزير إلى الشراكات بين الجامعات والمؤسسات الصناعية، والأنشطة الطلابية التي تعزز قدرات الطلاب ومواهبهم ضمن مبادرة “تحالف وتنمية”، إلى جانب مبادرات “100 يوم رياضة” لتعزيز الصحة العامة بمشاركة أكثر من 30 ألف طالب من 32 جامعة، ومبادرة “اتعلم بصحة” لتقديم خدمات صحية شاملة للطلاب، ومبادرة “تمكين” لتحقيق الدمج المجتمعي والتطوير الأكاديمي والتأهيل لسوق العمل.

في محور الاستدامة، أوضح الوزير أن المحور يركز على توفير مسارات تعليمية تحقق الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مع الإشارة إلى زيادة عدد الجامعات المصرية إلى 116 جامعة بحلول 2025 مقارنة بـ 50 جامعة عام 2014، تشمل الحكومية والأهلية والخاصة والتكنولوجية وأفرع الجامعات الأجنبية.

وفيما يخص المرجعية الدولية، أشار الوزير إلى جهود دعم التصنيف الدولي لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي المصرية، وتعزيز الاعتماد الدولي لجذب الطلاب الوافدين، بالإضافة إلى دعم دور أفرع الجامعات المصرية بالخارج.

أما في محور الريادة والإبداع، فقد استعرض الوزير جهود خلق بيئة متكاملة تحفز الإبداع واكتشاف المبدعين، مع دعم ريادة الأعمال بين الطلاب والخريجين عبر برنامج تلفزيوني لدعم الشركات الناشئة شارك فيه نحو 20 ألف طالب من 91 جامعة، وتقديم دعم مالي بقيمة 82 مليون جنيه، إلى جانب تأسيس الشبكة القومية للنابغين وبرامج رعاية الموهوبين والمبتكرين، وإنشاء مراكز لتعزيز منظومة الابتكار وريادة الأعمال في الجامعات والمعاهد البحثية.

كما استعرض الوزير نظام كليات “الكوزن المصرية اليابانية” (ELKosen) الذي يعد أعلى نظام تعليمي بعد المرحلة الإعدادية في اليابان، ويركز على المهارات التكنولوجية والهندسية من خلال 5 سنوات دراسة عملية ونظرية يقدمها أساتذة حاصلون على الدكتوراه، مع توفير أنشطة بدنية وعقلية ومسابقات دولية مثل روبوكون Robocon.

وأوضح أن تطبيق نظام الكوزن الياباني في مصر سيبدأ سبتمبر 2025، مع افتتاح أول كلية بالشراكة مع هيئة التعاون الدولية اليابانية JICA، في مدرسة “سلطان العويس” بمدينة العاشر من رمضان على مساحة 70 ألف متر مربع، مع توفير إقامة كاملة للطلاب المغتربين، حيث تستغرق الدراسة 5 سنوات متصلة بالمناهج اليابانية وأحدث المعدات، وتمنح شهادة “الدبلوم التكنولوجي المتقدم” في تخصصات الروبوتات والميكاترونيكس، والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة الخضراء والألواح الشمسية، والإلكترونيات الدقيقة والرقائق الإلكترونية.

وأشار الوزير إلى أن التسجيل سيبدأ بعد إعلان نتيجة المرحلة الإعدادية في يونيو 2025، مع اختيار 320 طالبًا متميزًا للدفعة الأولى، والإعلان عن المقبولين في أغسطس 2025، وبدء الدراسة في سبتمبر 2025.

من جانبه، استعرض محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني التحديات التي تواجه العملية التعليمية، والإجراءات المتخذة لمواجهتها، مثل معالجة ارتفاع كثافات الفصول عبر الاستفادة من المدارس الثانوية، وحصر الفراغات التعليمية، وتطبيق نظام الفترة الممتدة، وزيادة أيام الدراسة إلى ستة أيام، والفصل المتحرك، إلى جانب خطة مستدامة لبناء 10 إلى 15 ألف فصل سنويًا، مع التعاون مع هيئة الأبنية التعليمية للقضاء على مدارس الفترة المسائية خلال 3 سنوات.

وأكد الوزير أن الحلول العاجلة خفضت الكثافات إلى متوسط 38 طالبًا في الصف، مع نسبة نجاح تفوق 99%، مع استمرار العمل على إيجاد حلول لـ 22 مدرسة متبقية.

وفي ملف سد عجز المعلمين وتحسين أوضاعهم، أشار الوزير إلى توفير اعتمادات مالية لتشغيل 50 ألف معلم بالحصة في المواد الأساسية، وزيادة مقابل الحصة إلى 50 جنيهًا، وإتاحة تدريس المواد الأساسية من معلمي مسابقة الـ 30 ألف معلم، وتمديد خدمة أعضاء هيئة التعليم المتقاعدين خلال العام الدراسي، وتقنين أوضاع أخصائي التعليم والتدريس من حملة المؤهلات العليا، والاستعانة بالخريجين المكلفين بالخدمة العامة، وإعادة تعيين العاملين الحاصلين على مؤهل تربوي عالي أثناء الخدمة، مما ساهم في سد العجز بنسبة تفوق 90% في جميع المواد و99% في المواد الأساسية.

ولجذب الطلاب للمدارس، تم توحيد التكليفات عبر منصة الوزارة، وتعديل نظام أعمال السنة بوضوح ضوابط لاستعادة الدور التربوي، وإصدار لائحة التحفيز والانضباط المدرسي، مما رفع نسبة حضور الطلاب من 9% إلى أكثر من 85% في جميع المدارس.

وفيما يخص إعادة هيكلة التعليم الثانوي، أوضح الوزير خفض عدد المواد الدراسية من 32 إلى 17 مادة خلال 3 سنوات، مع زيادة متوسط تدريس المادة إلى 100 ساعة بدلًا من 50 ساعة، مع التركيز على تنمية المهارات الفكرية والنقدية بدلاً من الحفظ، والتعلم متعدد التخصصات، والتقييم المستمر، وتقسيم المواد على عامين، مع إشراك المجتمع في حوار مجتمعي واستبيانات طلابية حول مقترح شهادة البكالوريا المصرية.

كما استعرض الوزير موقف المدارس المصرية اليابانية التي وصل عددها إلى 55 مدرسة تضم أكثر من 16 ألف طالب، مع خطة للوصول إلى 100 مدرسة خلال السنوات القادمة، وبدء الدراسة في 6 فروع جديدة، وتحويل 9 مدارس من نماذج أخرى إلى مدارس مصرية يابانية.

وأشار إلى أن عدد مدارس التعليم الفني يبلغ 1248 مدرسة، مع خطة لتحويلها إلى مدارس تكنولوجيا تطبيقية بالتعاون مع شركات محلية ودولية، وافتتاح مدارس جديدة بالشراكة مع كبرى الكيانات الصناعية ليصل العدد إلى 90 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية، مع اعتماد 100 إطار برنامج تخصصي وإعداد 20 إطارًا إضافيًا للتخصصات المستحدثة.

وفيما يتعلق بالمبادرات والبرامج، أشار الوزير إلى البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة في المرحلة الابتدائية بالشراكة مع اليونيسف، والذي يستهدف مليون طالب في 2000 مدرسة بـ 10 محافظات، ومبادرة “عيون أطفالنا مستقبلنا” لفحص نظر 7 ملايين طالب من 6 إلى 13 عامًا، مع تقديم الرعاية الصحية والعلاج والنظارات والعمليات الجراحية، إلى جانب تغطية التغذية المدرسية لأكثر من 13 مليون طالب في مختلف المراحل.

كما تناول موقف مبادرة “الوجبة الساخنة” التي تهدف إلى بناء جيل صحي متكامل، ومبادرة “تشجير ودهان المدارس”.

من جهته، استعرض الدكتور علاء عشماوي رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد جهود دعم المعاهد الخاصة للارتقاء بجودة الخريجين والحصول على الاعتماد، إلى جانب بناء قدرات مدارس التربية والتعليم بالشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتطوير الإطار الوطني للمؤهلات المصرية لضمان توافق المؤهلات مع المعارف والمهارات المكتسبة، وتعزيز التكامل بين الاعتماد المحلي والدولي.

شهد الاجتماع مداخلات وتعليقات هامة من أعضاء المجلس حول ما تم عرضه، بالإضافة إلى مناقشة تشكيل الأمانة الفنية للمجلس لتعزيز عمله، حيث أشاد الدكتور مصطفى مدبولي بما تم طرحه، مؤكدًا أن الاجتماع الأول بعد التنسيق يمهد الطريق لتنفيذ مهام المجلس التي كلف بها رئيس الجمهورية.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار تم تشكيله بناءً على القرار الجمهوري لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، ليباشر وضع الاستراتيجية الوطنية والخطط والبرامج لتطوير التعليم والبحث العلمي والابتكار، ومتابعة تنفيذها، مع مراجعة الأولويات الوطنية، واقتراح تطوير العملية التعليمية ومخرجاتها بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل المحلي والدولي، ووضع مخططات لتطوير البنية التحتية للمدارس والمعاهد الأزهرية بمختلف مراحلها، ومتابعة تنفيذها، بالإضافة إلى وضع خطط تنفيذية لسياسات التدريب في جميع المراحل التعليمية، والتوعية بأهمية التعليم الفني والتخصصات المستحدثة ودورها في دعم الاقتصاد القومي، ووضع مخطط تسويقي لمخرجات التعليم والبحث والابتكار محليًا ودوليًا.

كما يختص المجلس باقتراح تطوير المؤسسات التعليمية ونظم تشغيلها، وآليات التنسيق مع الجهات المعنية لتحقيق الأهداف، واقتراح معايير اختيار المسؤولين عن منظومة التعليم والبحث والابتكار، وتطوير الهيكل التنظيمي للبحث والابتكار، مع وضع رؤية شاملة لرعاية الموهوبين والنابغين في مراحل الاكتشاف والتأهيل والاستفادة في البحث والابتكار، إلى جانب إصدار تقارير دورية عن تطور منظومة التعليم بجميع مراحلها كل عامين بالتعاون مع هيئات ضمان الجودة والاعتماد، وتقديمها لمجلس الوزراء ومجلس النواب.