رئيس لبنان يتحدث عن فترة صمت بيروت وكيف انتعشت الأدب والصحافة والسياسة على ضفاف النيل

رئيس لبنان يتحدث عن فترة صمت بيروت وكيف انتعشت الأدب والصحافة والسياسة على ضفاف النيل

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الإثنين، الرئيس اللبناني جوزاف عون في قصر الاتحادية، حيث جرى بحث سبل تعزيز العلاقات الأخوية بين مصر ولبنان، والتشاور حول آليات استعادة الاستقرار في المنطقة.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، أكد الرئيس اللبناني أن ذاكرة الشعوب هي مستودع الحقيقة الأصدق، مشيرًا إلى أن مصر تُعرف بـ”أم الدنيا” وبيروت بـ”ست الدنيا”، مضيفًا أن معبد الكرنك يحمل نقوشًا تعبر عن مدينة جبيل، إلى جانب نقوش أخرى تبرز عمق الأخوة بين البلدين.

نص الكلمة..

السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية،.

أيها الأخ العزيز،.

إن ذاكرة الناس هي مستودع الحقيقة الأصدق والأعمق،.

فحين يقولون إن مصر أم الدنيا، وإن بيروت ست الدنيا،.

فهم يؤكدون للعالم أجمع أننا إخوة أشقاء، منذ أزل الدنيا وحتى أبدها،.

وأخوّتنا هذه تمتد جذورها عبر التاريخ،.

ففي معبد الكرنك نقش يحكي عن جبيل منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة،.

وفي قلوبنا جميعًا، نقوش باقية عن أخوتنا ستظل عبر آلاف السنين القادمة،.

ومنذ البداية جمعتنا نوازع الحرية،.

فحين أُسكتت أقلام بيروت،.

فاضت أدبًا وصحافةً وسياسة على ضفاف النيل،.

ويوم حريق القاهرة، اتشحت بيروت بالسواد،.

السيد الرئيس،.

إن أخوتنا العريقة هذه أمانة بين أيدينا اليوم،.

لنجدّدها في عالمنا المعاصر،.

ولنبعثها حية خلاقة في منطقتنا العربية الراهنة،.

وتجديد الأخوة في هذا الزمن يتطلب ترسيخها على مفهوم عروبة المستقبل لا الماضي،.

أي ضمان مصالح شعوبنا ومنطقتنا،.

في عصر ثوري يتطور ذاتيًا وآنياً،.

لذلك دعوت وأكرر من هنا إلى قيام نظام المصلحة العربية المشتركة،.

ومن أولى ركائزه إقامة هيئة جدية تنظم المصالح المشتركة بين دولنا وشعوبنا وبلداننا،.

نحن نحلم ونطمح إلى إقامة سوق إقليمية مشتركة،.

قد نبدأها بخطوة واحدة فقط بين بلدين اثنين لا غير،.

ثم نتوسع بها عبر القطاعات والجغرافيا،.

حتى نحقق خير بلداننا وشعوبنا كافة،.

السيد الرئيس،.

إن تطلعًا طموحًا كهذا يحتاج إلى استقرار منطقتنا،.

والاستقرار الثابت لا يقوم إلا على سلام دائم،.

والسلام الدائم لا يُبنى إلا على العدالة،.

والعدالة لها تعريف واحد وحيد،.

ألا وهو إعطاء كل الحقوق لكل أصحابها،.

وهذا ما أقرته الدول العربية في مبادرة بيروت للسلام عام 2002،.

وهو ما نتطلع إلى تجسيده في أقرب وقت،.

بهذا السلام بالذات نشهد قيام دولة فلسطين السيدة المستقلة،.

ونكافح التطرف والإرهاب، والفقر والجوع،.

وأفكار الإلغاء وأهواء الإقصاء،.

وها أنا أؤكد أن لبنان، كل لبنان،.

لا يمكنه أن يكون خارج معادلة كهذه،.

ولا مصلحة لأي لبناني، ولا لأي بلد وشعب في منطقتنا، أن يستثني نفسه من مسار سلام شامل عادل،.

سلام يبدأ بتأكيد موقف لبنان الثابت والمُحق، والمتمثل بالتزامنا الكامل بالقرار الدولي 1701، للحفاظ على سيادة لبنان ووحدة أراضيه،.

مع تشديدنا على أهمية دور القوات الدولية (اليونيفيل)،.

وضرورة وقف الأعمال العدائية التي تقوم بها إسرائيل،.

والعودة إلى أحكام اتفاقية الهدنة لعام 1949،.

بما يضمن عودة الاستقرار والأمن إلى الجنوب اللبناني والمنطقة ككل،.

لذلك ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته،.

في إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية وفرنسية في 26 تشرين الثاني الماضي،.

والانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية حتى حدودنا الدولية المعترف بها والمرسمة دوليًا، وإعادة الأسرى اللبنانيين كافة،.

كما نؤكد أن لبنان يحرص على إقامة أفضل العلاقات مع الجارة سوريا، وعلى أهمية التنسيق والتعاون بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة،.

وخاصة فيما يتعلق بملف النازحين السوريين،.

وضرورة تأمين عودتهم الآمنة والكريمة إلى بلادهم،.

بحيث تعمل حكومتا البلدين في أسرع وقت من خلال لجان مشتركة تم الاتفاق على تشكيلها لتحقيق ذلك، بما يضمن مصلحة البلدين والشعبين،.

وإذ يؤكد لبنان دعمه كل الجهود الهادفة إلى حفظ وحدة سوريا وسيادتها وتلبية تطلعات شعبها، يرحب بقرار رفع العقوبات عنها، آملاً أن يسهم ذلك في تعافيها واستقرار المنطقة،.

السيد الرئيس، الأخ العزيز،.

لقد كان لبنان دومًا رائدًا من رواد الأفكار البناءة في هذه المنطقة،.

ميزته التفاضلية إنسانيته،.

وقيمته المضافة: الحرية والتعددية معًا،

اليوم نحن أمام تحدي السلام لكل منطقتنا،.

ونحن جاهزون له،.

نقول للعالم أجمع: وحده سلام العدالة هو السلام الثابت والدائم،

ولنا ملء الثقة بأن العالم الساعي إلى السلام الحقيقي، وبفضل مساعدتكم، وبفضل إسماع مصر لصوتها وصوتنا،.

سيسمع وسيلبي واجب الاستجابة،.

السيد الرئيس، الأخ العزيز،.

أعمق الشكر لكم شخصيًا ولكل مصر الحبيبة على كل ما بذلتموه،.

وشكر أكبر على كل ما ستفعلونه، كل يوم أكثر،.

عاشت مصر،.

عاش لبنان.