
رحب الرئيس عبد الفتاح السيسي بأخيه الرئيس جوزاف عون، رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي يزور بلده الثاني مصر كضيف عزيز، مؤكدًا أن هذه الزيارة تحمل رمزية خاصة تعكس عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، وتبرز الترابط الذي امتد عبر العصور، حيث شكّلت مصر ولبنان نموذجًا فريدًا للأخوة العربية الحقيقية.
وأشار الرئيس السيسي، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره اللبناني بقصر الاتحادية اليوم الإثنين، إلى أن زيارة الرئيس عون تأتي في مرحلة دقيقة وظرف إقليمي معقد، لتؤكد متانة العلاقات المصرية اللبنانية وصلابتها على مختلف المستويات، وتعكس الترابط الوثيق بين الشعبين والحكومتين.
وأضاف أن المباحثات التي جرت بينهما شكلت فرصة مهمة لتبادل الرؤى حول تعزيز التعاون بين البلدين، خصوصًا في المجالات الاقتصادية والتجارية، حيث أكدا حرصهما المشترك على دعم جهود لبنان في إعادة الإعمار من خلال الاستفادة من الخبرات المصرية الرائدة في هذا المجال.
وشدد الرئيس السيسي على موقف مصر الثابت في دعم لبنان، سواء في تحقيق الاستقرار الداخلي أو صون سيادته الكاملة، مؤكدًا الرفض القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكررة للأراضي اللبنانية واحتلال أجزاء منها.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس السيسي أن مصر تواصل مساعيها المكثفة واتصالاتها مع الأطراف الإقليمية والدولية لدفع إسرائيل نحو الانسحاب الفوري وغير المشروط من كامل الأراضي اللبنانية، واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن لقرار مجلس الأمن رقم 1701 دون انتقائية، بما يضمن تمكين الدولة اللبنانية من بسط سيادتها وتعزيز دور الجيش اللبناني في فرض نفوذه جنوب نهر الليطاني.
وجدد الرئيس السيسي دعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه إعادة إعمار لبنان، مشددًا على أهمية مشاركة الهيئات الدولية والجهات المانحة بفاعلية لضمان عودة لبنان إلى مساره الطبيعي على طريق السلام والتعايش والمحبة في المنطقة.
وأشار إلى أن المباحثات تناولت أيضًا تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث أكد الجانبان ضرورة إنهاء العدوان على القطاع فورًا، واستئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح كافة الرهائن والأسرى، مع ضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل لتلبية الاحتياجات الملحة للمدنيين الأبرياء في غزة.
وجدد الرئيسان التأكيد على موقف مصر ولبنان الراسخ الداعم للقضية الفلسطينية، مع رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم العادلة.
ومن هذا المنبر، دعا الرئيس السيسي المجتمع الدولي إلى حشد الجهود والموارد لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها، وتمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى القطاع، والعمل على توسيع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، معتبرًا أن هذا المسار هو الضامن الوحيد لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في المنطقة.
وأضاف أن المباحثات شملت أيضًا الملفات الإقليمية الملحة، وعلى رأسها الوضع في سوريا الشقيقة، حيث جدد الجانبان دعمهما الكامل للشعب السوري، مؤكدين ضرورة أن تكون العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية شاملة وغير إقصائية، مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب ورفض أي مظاهر للطائفية أو التقسيم.
وشددا على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة السورية، وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة، واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وفي ختام كلمته، أكد الرئيس السيسي للرئيس اللبناني: “أؤكد لكم أن مصر ستظل إلى جانب لبنان الشقيق، وإلى جانبكم فخامة الرئيس، وإلى جانب الحكومة اللبنانية في كل المساعي الرامية إلى الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته بما يلبي تطلعات شعبه النبيل، ولنواصل العمل معًا لتعزيز علاقاتنا الثنائية في كافة المجالات، ليعود لبنان إلى دوره العريق كمنارة للثقافة والتنوير في المشرق والعالم العربي”.
وتابع الرئيس السيسي: “لقد كان التواصل بين مصر ولبنان إيجابيًا يهدف إلى التنمية والحضارة، فقد شهد التاريخ تواصلًا بين المصريين القدماء والفينيقيين، وفي العصر الحديث كانت مصر من أوائل الدول التي أقامت علاقات مع لبنان منذ الأربعينيات، كما أن البلدين يمتلكان جهودًا مشتركة عبر السنوات الماضية في مجالات الثقافة والكتابة والشعر”.
تعليقات