
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا معلوماتيًا جديدًا يسلط الضوء على تحليل سلاسل القيمة للتمور وأثرها الاقتصادي في الأسواق العالمية والعربية، مستعرضًا مراحل هذه السلاسل من الإنتاج إلى الأسواق، وأهمية التمور في الاقتصاد العالمي. كما تناول التقرير الدور الاقتصادي للتمور في الدول العربية، مع التركيز على القيود الأساسية التي تعيق تطوير سلسلة قيمة نخيل البلح في المنطقة، بالإضافة إلى استعراض إنتاج التمور المصرية وصادراتها، ومراحل تطور الاستراتيجية الوطنية لقطاع التمور، إلى جانب أبرز جهود الدولة المصرية لتعزيز إنتاج وصناعة التمور. وأكد التقرير أن التمور تُعد من المحاصيل الاستراتيجية في مصر والوطن العربي نظرًا لوفرة إنتاجها التي تسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد، مما يمنحها دورًا محوريًا في تعزيز الأمن الغذائي وتوفير فرص عمل واسعة في المناطق الزراعية، كما يُعزز التوسع في زراعة الأصناف عالية الجودة قدرة مصر التصديرية ويمنحها مكانة بارزة في الأسواق العالمية.
وأشار المركز إلى أن سلاسل القيمة للتمور تبرز أهمية هذا القطاع في مختلف مراحله، بدءًا من إنتاج مستلزمات الزراعة مثل الشتلات والفسائل، مرورًا بعمليات ما قبل الحصاد كالتسميد والري والتلقيح ومكافحة الآفات، ثم المراحل التي تلي الحصاد والتي تشمل الحصاد والمعالجة والتجفيف والتخزين، وصولًا إلى النقل والتوزيع، فضلاً عن تجهيز التمور وتصنيعها لإنتاج منتجات متنوعة مثل دبس التمر والمعجنات، حيث تسهم هذه المراحل في رفع القيمة المضافة للتمور وتعزيز جودتها وقدرتها التنافسية في الأسواق.
وأوضح التقرير الأهمية الاقتصادية المتزايدة للتمور على المستوى العالمي باعتبارها من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية ذات القيمة الغذائية العالية، إلى جانب تزايد الطلب عليها في الأسواق المختلفة. وتتقدم العديد من الدول، خاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قائمة أبرز المنتجين والمصدرين للتمور، حيث يشهد الإنتاج العالمي نموًا مستمرًا، وتلعب التمور دورًا حيويًا في التجارة الدولية من خلال زيادة صادراتها، ودعم اقتصادات الدول المنتجة عبر توفير فرص العمل، وتعزيز التنمية الزراعية، وزيادة العوائد من النقد الأجنبي، مما يجعل قطاع التمور محركًا رئيسيًا في منظومة التجارة العالمية.
وفي هذا الإطار، كشف التقرير أن حجم سوق التمور العالمي المتوقع لعام 2025 يصل إلى 16 مليار دولار، مع توقع ارتفاعه إلى 18.76 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.27% خلال الفترة (2025-2030) وفقًا لتقديرات شركة الأبحاث Mordor Intelligence.
وشهد حجم الإنتاج العالمي من التمور نموًا مستمرًا خلال السنوات الماضية، حيث بلغ نحو 9.66 ملايين طن عام 2023 مقارنة بـ 7.52 ملايين طن عام 2013، بنسبة زيادة 28.46% وفقًا لأحدث بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، كما ارتفع الإنتاج العالمي بنسبة 3.87% في 2023 مقارنة بعام 2022. ويجدر بالذكر أن عام 2021 سجل أعلى مستوى إنتاج بكمية 9.85 ملايين طن، بينما كان أدنى مستوى في 2014 بحجم 7.43 ملايين طن.
وعلى صعيد الإنتاج العالمي حسب المناطق الجغرافية، جاءت الدول العربية في المقدمة بنسبة 79.16% من إجمالي الإنتاج العالمي عام 2023، تليها منطقة آسيا خارج الدول العربية بنسبة 19.59%، ثم منطقة الأمريكتين بنسبة 0.64%.
وتُعتبر مصر أكبر منتج للتمور عالميًا بإجمالي إنتاج يقارب 1.87 مليون طن، ما يمثل 19.33% من الإنتاج العالمي، تليها السعودية بإنتاج 1.64 مليون طن بنسبة 17.01%، ثم الجزائر في المرتبة الثالثة بإنتاج 1.32 مليون طن بنسبة 13.71% وفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة.
كما تشير بيانات الفاو لعام 2023 إلى تصدر مصر قائمة الدول العربية في إنتاج التمور بحصة 24.41% من إجمالي الإنتاج في المنطقة، ما يعكس دورها الريادي بفضل المناخ الملائم والتوسع في زراعة النخيل، تليها السعودية بنسبة 21.48% ثم الجزائر بنسبة 17.32%. وتعكس هذه الأرقام الأهمية الكبيرة لزراعة التمور في المنطقة العربية سواء للاستهلاك المحلي أو التصدير للأسواق العالمية.
وأوضح التقرير أن بيانات خريطة التجارة العالمية للصادرات والواردات من التمور (الطازجة والمجففة) خلال الفترة (2016-2023) أظهرت نموًا ملحوظًا في التجارة العالمية، مما يعكس زيادة الطلب في الأسواق الدولية. فقد ارتفعت قيمة الصادرات العالمية بنسبة 75.17% في 2023 مقارنة بعام 2016 لتصل إلى نحو 2.54 مليار دولار، كما شهدت الواردات ارتفاعًا بنسبة 39.02% لتصل إلى 2.28 مليار دولار، مع زيادة قدرها 10.14% مقارنة بعام 2022، مما يشير إلى استمرار ارتفاع الطلب العالمي. ومنذ عام 2017 تجاوزت قيمة الصادرات قيمة الواردات، مما يعكس تحقيق فائض تجاري في سوق التمور.
وتصدرت السعودية قائمة أكبر الدول المصدرة للتمور عام 2023 بإجمالي صادرات بلغت 390.08 مليون دولار، ما يعادل 15.36% من إجمالي الصادرات العالمية، تلتها إيران بقيمة 340.28 مليون دولار (13.40%)، ثم الإمارات بصادرات 328.78 مليون دولار (12.94%). كما سجلت هولندا نموًا ملحوظًا في صادرات التمور بنسبة 35.27% مقارنة بعام 2022، تلتها مصر بنسبة 24.80% ثم إيران بنسبة 16.91%.
وعلى صعيد الدول المستوردة، جاءت الهند في المرتبة الأولى بقيمة واردات 266.67 مليون دولار عام 2023، تلتها المغرب بـ 241.23 مليون دولار، ثم الإمارات بـ 215.85 مليون دولار. وسجلت الإمارات أعلى معدلات نمو في واردات التمور بنسبة 40.19%، تلتها تركيا بـ 38.84% ثم هولندا بـ 34.23%.
واستعرض التقرير أهم الأسواق الرئيسية المنتجة للتمور في المنطقة العربية على النحو التالي:
– الأسواق المحلية: حيث يُوجه معظم إنتاج التمور في الدول العربية للأسواق المحلية، ويُصدر الفائض فقط، وتعاني هذه الأسواق من طول سلاسل التسويق وكثرة الوسطاء، مما يرفع تكاليف التسويق ويخفض العوائد للمزارعين.
– الأسواق الإقليمية: تشهد المنطقة تجارة إقليمية نشطة مدفوعة بتلبية الطلب المحلي وسد الفجوات الإنتاجية، كما توفر التمور الخام للمعالجة بهدف إضافة القيمة قبل التصدير، أو إعادة التعبئة والتصدير دون معالجة، كما في سلطنة عمان والإمارات.
– الأسواق الدولية: تشكل صادرات التمور من المنطقة العربية أغلب تجارة التمور العالمية بنسبة 58.40% من إجمالي الصادرات، بقيمة نحو 1.48 مليار دولار عام 2023، بزيادة 15.38% مقارنة بعام 2022.
وأشار مركز المعلومات إلى تقرير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الذي أبرز تحديات تطوير سلسلة قيمة نخيل البلح في المنطقة العربية، منها:
– حيازة وملكية الأراضي: تعد مشكلات تجزئة الحيازات وتعدد الملاك بسبب قوانين الميراث من أبرز العوائق أمام تحديث الأشجار القديمة، مما يؤثر سلبًا على الإنتاجية وأجور المزارعين.
– تكاليف المدخلات: ارتفاع تكلفة الأسمدة والمبيدات، ونقص المعدات الحديثة مثل أنظمة الري الموفرة للمياه، يبطئ استبدال أنظمة الري التقليدية بأنظمة حديثة.
– توافر المياه وجودتها: تعاني الدول المنتجة من ملوحة المياه ونقصها، خاصة في دول الخليج.
– مكافحة الآفات والأمراض: تمثل آفات وأمراض النخيل تحديًا رئيسيًا يؤدي إلى خسائر تصل إلى 28% من الإنتاج، وتعتمد الاستراتيجيات الحالية على التدخل بعد حدوث المشكلة، مما يفتقر إلى الإدارة المتكاملة.
– عدم كفاية معالجة التمور بعد الحصاد: يمكن تحويل ثمار البلح إلى منتجات ذات قيمة مضافة مثل معجون التمر وشرابه وصلصة التمر وعسل التمر ومربى وخل التمر، وتستخدم هذه المنتجات كبدائل للسكر أو نكهات في الحلويات والمشروبات والمخابز، إلا أن مستوى المعالجة في معظم الدول العربية ما عدا تونس والمغرب ودول الخليج لا يزال منخفضًا، حيث تُباع التمور غالبًا مع الحد الأدنى من المعالجة، مما يقلل من هوامش الربح للمزارعين والتجار.
– الخسائر بعد الحصاد: تنتج عن توقيت الحصاد غير المناسب، والممارسات الخاطئة، والتعامل غير السليم مع المنتجات، بالإضافة إلى نقص التخزين والنقل الملائم، وفي بعض الحالات تبقى المحاصيل غير محصودة بسبب ارتفاع تكاليف العمالة وانخفاض الأسعار، كما يفاقم نقص مرافق التخزين البارد المشكلة.
وتناول التقرير الوضع الحالي والمستقبلي للتمور في مصر، مشيرًا إلى أهميتها كأحد المحاصيل الزراعية الرئيسية التي تحتل مكانة بارزة في الاقتصاد الوطني، وتتميز مصر بتنوع أصناف التمور وجودتها العالية، مما يجعلها من أكبر الدول المنتجة عالميًا. ووفقًا لأحدث إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ حجم الإنتاج السنوي نحو 1.70 مليون طن في 2022/2023 بزيادة 1.19% مقارنة بـ 1.68 مليون طن في 2014/2015، مع تسجيل أعلى إنتاج في 2021/2022 بحجم 1.85 مليون طن. وعلى مستوى التوزيع الجغرافي، تصدرت محافظة الجيزة الإنتاج بحجم 262.1 ألف طن، تلتها الشرقية بـ 226.5 ألف طن، ثم البحيرة بـ 206.0 ألف طن، والوادي الجديد بـ 180 ألف طن خلال 2022/2023.
وأشار التقرير إلى أن الزيادة في حجم الإنتاج تعود إلى التوسع في المساحات المزروعة بنخيل البلح والأراضي المستصلحة حديثًا، حيث تمتلك مصر نحو 186.2 ألف فدان مزروعة بنخيل البلح خلال 2022/2023، مسجلة نموًا بنسبة 64% مقارنة بـ 113.2 ألف فدان في 2017/2018.
وعن توزيع المساحات حسب المحافظات، جاءت محافظة الوادي الجديد في المقدمة بمساحة 53.2 ألف فدان، تلتها أسوان بـ 38.7 ألف فدان، ثم الجيزة بـ 34.2 ألف فدان في 2022/2023.
وأوضح التقرير أن صادرات التمور المصرية شهدت نموًا مستمرًا خلال الفترة (2014-2024)، حيث سجلت أعلى قيمة في 2024 بنحو 105.62 ملايين دولار، بزيادة 120.55% مقارنة بعام 2014، وارتفاع 19.33% مقارنة بعام 2023. وعلى صعيد التوزيع الجغرافي للصادرات، جاءت المغرب في المقدمة بقيمة 45.23 مليون دولار في 2023، تلتها إندونيسيا بـ 19.91 مليون دولار، ثم تركيا بـ 10.08 ملايين دولار، حيث تمثل هذه الدول مجتمعة نحو 85.33% من إجمالي صادرات التمور المصرية.
وأبرز مركز المعلومات جهود الدولة المصرية للنهوض بقطاع النخيل والتمور وزيادة القيمة المضافة والصادرات، مشيرًا إلى إطلاق استراتيجية وطنية لتطوير القطاع بعنوان “استراتيجية تطوير قطاع النخيل والتمور في مصر للفترة (2016-2022)” المعتمدة في سبتمبر 2016، والتي تشمل برامج تطوير مراحل الإنتاج والتسويق والتعبئة والتصنيع والتصدير، إلى جانب تنفيذ خطة عمل في منطقة إنتاج نموذجية.
كما أشار التقرير إلى الإنجازات والمشروعات القومية التي شهدها القطاع، منها تشكيل اللجنة القومية للنهوض بقطاع التمور والمجلس الأعلى للتمور، وتعزيز جهود مكافحة سوسة النخيل الحمراء، ومبادرة تأهيل محطات ومصانع التمور، وتدشين أول مجلس للتمور باتحاد المصدرين، وإطلاق مشروع تحسين سلسلة القيمة لإنتاج التمور في سيوة وإنشاء علامة تجارية موحدة، إلى جانب إنشاء مجمعات حديثة لتصنيع وتعبئة التمور، ومخازن مبردة بالواحات البحرية للحفاظ على جودة التمور وتقليل الفاقد، بالإضافة إلى توفير برامج تدريبية للمزارعين والعاملين في القطاع.
تعليقات