
التقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، بمقر رئاسة الوزراء في أثينا، برئيس الوزراء اليوناني “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، وذلك خلال الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس إلى اليونان.
عقد الجانبان مؤتمرًا صحفيًا عقب المباحثات، حيث أشاد الرئيس السيسي بالمشاورات الناجحة والبناءة التي جمعته بالرئيس اليوناني، والتي تعكس عمق العلاقات بين البلدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي دولة السيد/ “كيرياكوس ميتسوتاكيس”..
رئيس وزراء الجمهورية اليونانية الصديقة،
السيدات والسادة،
في مستهل كلمتي، أعرب عن خالص تقديري وامتناني لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي حظيت بها والوفد المرافق لي منذ وصولنا إلى بلدكم الصديق، كما يسعدني أن أشيد بالمشاورات الناجحة والبناءة التي جمعتني بفخامة الرئيس اليوناني، والتي تعكس عمق العلاقات بين بلدينا.
وأؤكد خلال زيارتي الخامسة إلى بلدكم الصديق، على اهتمام مصر الراسخ بتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع اليونان، تلك الشراكة التي تمثل نموذجًا يحتذى به في منطقتنا، إذ تستند إلى روابط تاريخية وطيدة بين الشعبين الصديقين، وتعتمد على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في تطوير التعاون في مختلف المجالات.
كما أود الإشارة إلى تفهم اليونان ودورها الكبير في المحفل الأوروبي لشرح وجهة نظر مصر لدى الاتحاد الأوروبي، حيث كانت تلك الفترة صعبة، ولن تنسى مصر هذا الموقف اليوناني الذي يؤكد قوة العلاقات التاريخية بين البلدين.
وأشير كذلك إلى قضية دير سانت كاترين، حيث نؤكد في مصر خلال السنوات العشر الماضية احترامًا شديدًا للتعدد والتنوع في النسيج الإنساني، وقمنا بممارسات ترسخ هذا الاحترام بين المواطنين، لذا أستنكر بشدة ما يُتردد عن إمكانية إجراء سلبي تجاه الدير، إذ يتعارض ذلك مع ثوابت مصر وتسامحها، فمثلاً عندما قام المتطرفون بحرق ٦٥ كنيسة، أعادت الدولة بنائها، كما نبني كنائس في كل حي، ولو كان هناك مواطنون يهود في مصر لبُنيت لهم معابد، وأؤكد أنني لا أريد ولن نسمح بالمساس بالعلاقات مع اليونان بسبب هذه الأقاويل المغرضة، وأشدد على التزام الدولة المصرية بالعقد الأبدي بين الدير والدولة، خاصة وأن الدير يحتضن رفات قديسة عظيمة، وقد حرصت على توضيح هذا الأمر بنفسي لدحض هذه الشائعات.
السادة الحضور،
سعدت اليوم بالتوقيع مع دولة رئيس الوزراء على “الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية بين مصر واليونان”، الذي يعزز العلاقات العميقة والمتميزة بين بلدينا الصديقين، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الوثيق على كافة الأصعدة.
كما يمثل انعقاد الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين محطة فارقة ونقلة نوعية في مسار العلاقات المصرية اليونانية، ويجسد الإرادة السياسية المشتركة للارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون الثنائي.
وقد سررت بنتائج الاجتماع التي شملت التوافق على توسيع نطاق التعاون ليشمل مجالات الاقتصاد، والتجارة، والاستثمار، والسياحة، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال، بالإضافة إلى قضايا الطاقة، والأمن، والهجرة.
وفي هذا السياق، أؤكد على الأهمية الكبيرة لمشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان “جريجي”، الذي يعد خطوة استراتيجية ذات أبعاد إقليمية ودولية، كونه أول ربط مباشر للطاقة النظيفة من مصر إلى أوروبا عبر اليونان، ونتطلع إلى استمرار دعم الاتحاد الأوروبي لهذا المشروع الطموح وتسريع تنفيذه.
كما نولي اهتمامًا خاصًا لمواصلة التعاون مع اليونان في مجال الغاز الطبيعي، وتسريع تنفيذ اتفاق استقدام العمالة الموسمية المصرية للعمل في القطاع الزراعي باليونان، وتوسيع نطاق الاتفاق ليشمل قطاعات أخرى، فضلًا عن تكثيف التعاون المشترك في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، استنادًا إلى التجربة المصرية الناجحة في هذين المجالين.
السيدات والسادة،
تبادلت اليوم الرؤى مع صديقي دولة رئيس الوزراء “كيرياكوس” حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها التطورات الخطيرة في الشرق الأوسط الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على غزة، والكارثة الإنسانية المستمرة في القطاع منذ ثمانية عشر شهرًا، حيث أكدت موقف مصر الثابت بضرورة استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بكميات كافية، ورفض استخدام التجويع والحرمان من الخدمات الطبية كسلاح ضد المدنيين.
هذا الموضوع الإنساني مستمر منذ 18 شهرًا، حيث تم تدمير قطاع غزة وبنيته الأساسية، وهذا التدمير يحفزنا على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين والأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية، ونرى أن ما قاله رئيس الوزراء اليوناني حول ضرورة تطبيق حل الدولتين هو السبيل لتحقيق السلام، ونحتاج للعمل على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967.
كما شددت على رفض وإدانة أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه تحت أي ذريعة، وضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية تضمن استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، تلك الحقوق التي لن تسقط بالتقادم أو بمحاولات تجزئة الأرض الفلسطينية أو ضمها أو تغيير الواقع الديموغرافي بها.
السادة الحضور،
تناولنا أيضًا الأوضاع في منطقة شرق المتوسط، وأرحب مجددًا بجهود التهدئة الحالية في المنطقة، ونأمل في استثمار هذه الأجواء الإيجابية لحل الخلافات القائمة بين الدول المتشاطئة، بما يتيح للجميع تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية لصالح شعوب المنطقة.
كما ناقشنا تطورات الأوضاع في سوريا، ولبنان، وليبيا، والسودان، وأمن الملاحة في البحر الأحمر، بالإضافة إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، وكانت رؤانا متطابقة حول ضرورة تسوية النزاعات بالوسائل السلمية التي تحافظ على وحدة الدول وسيادتها وتحمي حقوق شعوبها، وأكدنا أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين مصر واليونان على مختلف المستويات بشأن هذه الملفات.
ختامًا، أؤكد التزام مصر الراسخ بتعزيز التعاون مع اليونان، وثقتنا في أن مجلس التعاون رفيع المستوى سيكون منصة فاعلة لترسيخ شراكتنا الاستراتيجية، بما يعود بالنفع على شعبينا ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.
شكرًا جزيلاً لكم،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليقات