
أكدت الجمعية على أهمية الاستعداد الجيد للمنتجات المحلية في حال إغراق بعض الدول ذات الكثافة الإنتاجية للأسواق الأمريكية، كبديل لتصدير منتجاتها، وذلك بسبب الارتفاع في الجمارك التي أعلن عنها ترامب. وأشارت إلى الفرص الاستثمارية المتاحة لزيادة الصادرات المصرية إلى أمريكا.
جاء ذلك خلال اجتماع عقدته جمعية رجال الأعمال المصريين مع عدد من اللجان التخصصية المعنية بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، حيث تم استعراض رؤية مجتمع الأعمال المصري حول التعريفة الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 10%، والفرص والتحديات التي قد تواجه نمو الصادرات في المرحلة المقبلة.
من جانبها، أوضحت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن مصر لن تتأثر بشدة من الرسوم الجمركية الأمريكية، حيث تمثل 6% فقط من واردات أمريكا. وأكدت على ضرورة الاستغلال الأمثل لقدراتنا التصديرية في الأسواق الأمريكية، مشيرة إلى أن هناك عدة بنود ضمن قائمة تضم أهم 15 سلعة، في مقدمتها الأسمدة والآلات والمعدات والإلكترونيات.
وأفادت أن 81% من إمكانياتنا التصديرية في بند الأسمدة لا تزال غير مستغلة، تليها الآلات والمعدات والإلكترونيات بنسبة 78%، بينما تأثرت دول أخرى مثل كندا والمكسيك والصين في هذه البنود. وأوضحت أن التأثير على صادرات مصر من اتفاقية الكويز “ليس مخيفًا”، حيث كانت تمنح ميزة “زيرو جمارك” وأصبحت الآن 10%، خاصة وأن 70% من صادراتنا تأتي من الملابس الجاهزة التي هي في غالبها منتجات قطنية ذات قيمة مضافة منخفضة، بينما تبلغ الرسوم الجمركية على مجموعة السلع الأخرى خارج هذه الاتفاقية 25%.
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف: “لا يوجد ضرر كبير على مصر، بل هناك فرصة كبيرة لجذب الاستثمارات المهاجرة في قطاع الصناعة”، مع توقعات بأن تستجيب الدول الكبرى التي لديها حصة كبيرة في التصدير لأمريكا بهذه الرسوم بقرارات وقائية مماثلة لحماية صناعتها وصادراتها، مما قد يضر بالمستهلك الأمريكي لصالح البلدان الأقل تأثرًا.
أضافت أن استغلال مصر للحرب التجارية العالمية المتوقعة في مجال التصدير والاستثمار يتطلب من الحكومة اتخاذ عدة إصلاحات بشكل سليم لتغيير الإجراءات وتبسيط منظومة التجارة في الصادرات والواردات، وكذلك تشجيع الاستثمار الأجنبي من خلال خفض تكاليف الإنتاج وتشغيل الموانئ المصرية بكفاءة.
من جهته، اعتبر محمد قاسم، رئيس جمعية المصدرين المصريين وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين، قرارات “ترامب” نوعًا من الضوضاء التي تهدف إلى إحداث اضطرابات على صعيد سلاسل الإنتاج والتوريد، عقب أزمة كورونا. وأكد على ضرورة عدم انشغالنا عن الفرص الكبيرة الناتجة عن التوجه العالمي نحو توطين الصناعات الآسيوية في البلدان النامية، مؤكدًا أن هذا التوجه سيوفر لمصر فرص نمو أكبر رغم قرارات ترامب.
وأوضح “قاسم” أن لدينا فرصًا لنمو الصادرات بشرط تحسين الاستثمار وزيادة الإنتاج، مع التركيز على التسويق، مشيرًا إلى فعالية نموذج النمو القائم على التصدير في الدول النجاح، وهو النموذج الذي تبنته جمعية المصدرين المصريين من خلال إطلاق مبادرة الاستثمار من أجل التصدير.
وأشار إلى أن الملابس الجاهزة تعد من الصناعات المهاجرة إلى مصر من آسيا وتركيا، وهي من القطاعات سريعة العائد التصديري، خاصة للأسواق الإفريقية، ويجب أن تحظى بأهمية في توفير الأراضي وتوطينها في محافظات الصعيد، بجانب الصناعات الغذائية.
وأكد المهندس فاضل مرزوق، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن مصر تمتلك ميزة تنافسية قوية في صناعة الملابس الجاهزة مما يجذب الاستثمارات والتصدير. وأشار إلى استقطاب استثمارات جيدة من الهند والصين وتركيا وفيتنام في الأسواق المحلية، مما زاد من جاهزيتنا للتصدير واستثمار الفرص هذا العام، حيث حقق القطاع زيادة في حجم الصادرات في يناير وفبراير 2025 بنسبة 22%.
وأكد أن الدولة أصبحت أكثر استجابة لمطالب صناعة الملابس الجاهزة أكثر من أي وقت مضى، سواء في تخصيص الأراضي أو تسهيل الإجراءات الجمركية، مشيرًا إلى أن تشغيل الموانئ في يومي الجمعة والسبت يعتبر قرارًا صائبًا، حيث خفض من عدد أيام العمل الجمركي للبضائع، موفرًا للدولة 100 دولار لكل كونتينر.
وأوضح مرزوق أن صناعة الملابس الجاهزة هي أرخص وأسرع الصناعات للاستثمار، حيث يمكن إقامة مصنع على مساحة 10 آلاف متر بصادرات تقدر بـ 25 مليون جنيه خلال 3 سنوات، مطالبًا باستغلال مخازن الشركات القابضة في مصر لصالح صناعة الملابس الجاهزة. وأشاد بتخصيص الحكومة 5.5 مليون متر لإنشاء مدينة متكاملة للنسيج في محافظة المنيا، مما يتوقع أن يدفع بصادرات الملابس الجاهزة إلى 12 مليار دولار سنويًا.
وأكد المهندس حسن الشافعي، عضو مجلس إدارة الجمعية ورئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن تنمية قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة يسهم بشكل كبير في زيادة الصادرات، حيث يلعب هذا القطاع دورًا رئيسيًا في صادرات كل من سويسرا واليابان. وأكد على أهمية وجود كيان حقيقي في مصر لتنمية هذا القطاع وزيادة مساهمته في الصادرات من خلال شركة ضخمة مختصة في التسويق، وتوفير الأراضي والقروض الميسرة للشباب.
كما أشار المهندس مصطفي النجاري، رئيس لجنة الزراعة والري بالجمعية، إلى أن رسوم “ترامب” قد تؤثر على أسعار الصويا والذرة في السوق المحلية، خاصةً في ضوء المخاوف الكبيرة بشأن أسعار هذه السلع على مستوى العالم. وبيّن أن مصر تستورد 90% من الصويا من أمريكا و60% من الذرة من الأرجنتين، وأن صادرات البطاطس تحمل رسومًا جمركية بنسبة 10%، مما يستدعي التحضير الجيد وإيجاد بدائل وزيادة الإنتاج الزراعي.
فيما أوضح علاء سبع، رئيس لجنة الاستيراد والجمارك بالجمعية، أن مصر تمتلك بعض الصناعات المتميزة التي تستحق الدراسة لوضع إجراءات لها. وأشار إلى أن رسوم “ترامب” تشكل فرصة عظيمة لمصر للتفكير في نمو التصدير وإزالة كل ما يمثل عائقًا أمام الاستيراد والتصدير، مما يشجع على زيادة وتطوير الإنتاج في مصر بشكل عام.
في حين أكد أحمد منير عز الدين، نائب أول رئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي ورئيس لجنة تنمية العلاقات مع الصين بالجمعية، أن رسوم “ترامب” تمثل فرصة ذهبية لمصر لجذب المستثمرين، وخاصة الصينيين. وأشار إلى أن لجنة الصين بالجمعية تلقت العديد من الاستفسارات من شركات صينية، من مؤسسة الآلات والمعدات الصناعية، لدراسة فرص الاستثمار والشراكة مع رجال الأعمال المصريين بعد إعلان الرسوم.
تعليقات