رئيس المجلس التصديري للغزل يوضح تأثير الضرائب الجمركية على الصناعة

رئيس المجلس التصديري للغزل يوضح تأثير الضرائب الجمركية على الصناعة

أوضح هاني سلام، رئيس المجلس التصديري للغزل والمنسوجات، آثار القرارات الجمركية الجديدة التي أقرتها الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أن هذه المستجدات تمثل مزيجًا من الفرص والتحديات أمام قطاع الغزل والمنسوجات في مصر.

وأشار سلام إلى أن التعريفات الجديدة تفرض واقعًا عالميًا متغيرًا يتطلب إعادة هيكلة سلاسل الإمداد، كما أنها توفر لمصر فرصة لتعزيز مكانتها كشريك تجاري بديل وسط سعي الشركات العالمية لإعادة توزيع مصادر التوريد.

وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب إنشاء روابط وشراكات تجارية جديدة، واستغلال التحولات الجيوسياسية لبناء موقع تنافسي أقوى للصناعة المصرية في الأسواق الخارجية، وخاصة في السوق الأمريكي.

صرح هاني سلام بأن السوق الأمريكي يعد بشكل عام واحدًا من أهم الأسواق للصادرات، خاصة في قطاع الصناعات النسيجية، حيث تشهد وارداته سنويًا طلبًا يتجاوز 100 مليار دولار.

وأوضح سلام أنه رغم محدودية صادرات الغزل والمنسوجات المباشرة إلى أمريكا، والتي بلغت نحو 20 مليون دولار في عام 2024 بمعدل نمو مقداره 38%، إلا أن تلك التعريفات ستعيد ترتيب سلاسل الإمداد العالمية التي قد تؤثر في الأسواق التصديرية للقطاع الذي يلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات الصناعات النهائية في مختلف أسواق العالم.

كما أضاف أن مصر تتمتع بميزة جمركية واضحة مقارنة بالدول المنافسة، حيث لا تتجاوز التعريفة الجمركية على الصادرات المصرية نسبة 10%، بينما تواجه الصين، التي تمثل 20% من إجمالي واردات أمريكا النسيجية، تعريفة تصل إلى 125%. كما تُفرض على الهند تعريفة 26% رغم استحواذها على 10% من السوق، وعلى باكستان 29% بحصة تبلغ 5%. ورغم ذلك، فإن هذه الميزة قد تؤتي ثمارها في نطاق الصناعات النهائية مثل الملابس الجاهزة أو المفروشات المنزلية.

وأضاف: “هذه الفروق تمنح المنتجات النهائية فرصة حقيقية لتعزيز وجودها في السوق الأمريكي، خاصة مع تطبيق بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) الذي يوفر حماية جمركية متميزة للمنتجات المصرية، بشرط الالتزام بالمعايير المطلوبة.”

ومع ذلك، أكد سلام على أهمية اتخاذ مزيد من الإجراءات بجانب تلك المزايا، خصوصًا في ضوء المتغيرات العالمية الراهنة، التي قد تؤثر سلبًا على معدلات الطلب والقوى الشرائية في السوق الأمريكي، وقد تؤدي إلى حدوث موجات تضخم عالمية قد تحد من مكاسبنا.

وشدد: “يجب أن تكون الميزة التنافسية الحالية محفزًا لزيادة الطاقات الإنتاجية، وتطوير سلاسل التوريد لضمان القدرة على تلبية احتياجات الأسواق الخارجية بكفاءة ومرونة، والحفاظ على استدامة النمو في قطاع التصدير.”

فرص استثمارية وتطوير صناعي

وفي سياق متصل، أشار سلام إلى أن التعريفات المنخفضة نسبيًا في مصر مقارنة بدول أخرى سوف تسهم في تحقيق مساعي الدولة لجعل مصر وجهة مفضلة للاستثمارات الأجنبية في قطاع المنسوجات. وقال: “لدينا فرصة لجذب شركات عالمية تبحث عن مواقع إنتاج بديلة، سواء من خلال إنشاء المصانع أو استخدام خطوط الإنتاج الحالية، ولكن هذا يتطلب جهودًا مكثفة لتسهيل الإجراءات وتحسين بيئة الأعمال، بما يشجع المزيد من الاستثمارات الصناعية الأجنبية. إذا تمكنا من تهيئة بيئة استثمارية جذابة، يمكننا تحويل هذا التحدي إلى رافعة للنمو الاقتصادي وتعزيز القدرات الإنتاجية وخلق فرص عمل مستدامة.”

التداعيات غير المباشرة وتحديات السوق الأوروبي

وحذر سلام من الآثار غير المباشرة التي قد تنجم عن التعريفات، مشيرًا إلى أن تحول بعض الدول الرائدة في قطاع المنسوجات مثل الصين والهند وباكستان نحو أسواق بديلة كالاتحاد الأوروبي قد يزيد من الضغط التنافسي على صادرات مصر ودول شمال إفريقيا إلى تلك الأسواق. وأكد: “السوق الأوروبي هو شريك استراتيجي لنا، وأي زيادة في المنافسة تتطلب منا إعادة تقييم استراتيجياتنا. يجب أن نستثمر في الابتكار والاستدامة، وأن نعمل على خفض التكاليف دون التأثير على الجودة لنظل قادرين على المنافسة في بيئة متغيرة.”

أسُس وديناميكيات التجارة العالمية

وفي سياق تحليله لأبعاد المشهد العالمي، أشار هاني سلام إلى أن القرارات الجمركية المفاجئة التي أقرتها الإدارة الأمريكية تمثل تحولًا جوهريًا يمس استقرار قواعد التجارة العالمية المعترف بها على مدى عقود، مستندة إلى مفاهيم الانفتاح، العدالة وتكافؤ الفرص. وأضاف أن هذه القرارات تعكس توجهًا متزايدًا نحو السياسات الحمائية، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار نظم سلاسل التوريد القائمة ويولد حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين والمصنعين على حد سواء.

وشرح أن هذا التغير المفاجئ في بيئة التجارة الدولية لا يقتصر أثره على الدول المستهدفة مباشرة بالتعريفات، بل يمتد ليشمل الاقتصاد العالمي بأسره، مما يستدعي من الدول النامية، بما في ذلك مصر، التحرك بسرعة لاقتناص الفرص الناتجة عن إعادة تشكيل خريطة التجارة، وتعزيز قدراتها التنافسية والتفاوضية لضمان وجود فعال ومستدام في الأسواق العالمية.

وأشار إلى أن التوترات التجارية قد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي ينعكس سلبًا على سوق المنسوجات، لكنه أضاف أن ارتفاع تكلفة المنتجات المنافسة في السوق الأمريكي قد يحول جزءًا من الطلب نحو المنتجات المصرية. ومع ذلك، أكد أن هذه الميزة قد تكون مؤقتة إذا اتخذت دول أخرى إجراءات مضادة، وطالب بتطوير استراتيجيات تسويق مرنة تتكيف مع التقلبات وتعمل على تعزيز الثقة في العلامة التجارية المصرية.

واختتم سلام بيانه بدعوة واضحة للتحرك السريع، قائلاً: “نقف اليوم أمام مفترق طرق. يمكننا أن نحول هذه التعريفات إلى فرصة لإعادة تشكيل مكانة مصر في الصناعات النسيجية عالميًا، لكن ذلك يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة. نحتاج إلى تعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير الصناعة، ودعم البحث والابتكار، وتوسيع شبكة الشراكات التجارية. الهدف ليس فقط مواجهة التحديات الحالية، بل بناء قطاع قوي قادر على قيادة النمو الاقتصادي في المستقبل.”